جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
أزمات المسلمين في الهند، وتداعيات الصراع الباكستاني الهندوسي وكذلك تفجيرات بومباي على أوضاع المسلمين بالهند
مسلمو الهند يشعرون أنهم معزولون
قد يؤدي الصراع الهندي الباكستاني إلى إحداث انقسامات خطيرة في المجتمع الهندي. ومع تصاعد الصراع، يرى عديد من المسلمين الهنود أنفسهم في موقع الشبهة بصورة دائمة، كما يشعرون أنهم معزولون في المجتمع الهندي.
يقول أفتاب طيب: ويأتي ذلك الشعور بعدم الارتياح بعد ثلاثة أشهر من أحداث العنف ضد المسلمين في جوجارات، وهي إحدى أسوأ حوادث العنف بين الهندوس والمسلمين في التاريخ الحديث.
كما يتزايد القلق أيضا من الإجراءات ضد المسلمين في برنامج الجناح الهندوسي اليميني المتطرف.
وقد اصطحبني د. رضوان قيصر، وهو أكاديمي مسلم يركز في أبحاثه عن العلاقات داخل المجتمع، لرؤية منطقته السكنية التي يقطنها مسلمون.
المسلمون فقدوا كل شيء في جوجارات ويقول إن المسلمين في المنطقة يشكلون 90% من السكان، والبقية هندوس عاشوا هناك قرونا.
ولا يعتبر وجود مناطق منفصلة للمسلمين شيئا جديدا على الهند - لكن مع زيادة تهديد وقوع حرب مع باكستان فإن عديدا، منهم د. قيصر، يقولون إن الانقسامات الاجتماعية والمناطق المنعزلة أحادية العرقية سوف تزداد.
ويقول د. قيصر لو أردت، كمسلم، البحث عن سكنى في مكان مختلط وذهبت إلى وكالة للعقارات، فسوف يقولون لي بمجرد سماع اسم مسلم آسفون، لا مكان لك.
أولا: لا سبيل أمامك، ثانيا: تشعر بالخوف، وثالثا: لن تشعر بالراحة نفسيا واجتماعيا - وتلك هي العوامل التي تدفعك أخيرا إلى ما تسميه إنشاء جِتُّو، وما أسميه أنا التجمع سويا من أجل الإحساس بالأمان.
اختبار كريكيت
ويقول مسلمون إن مناخ العداء الحالي بين دلهي وإسلام أباد خلق جوا من الريبة حتى بين أصدقاء المقربين.
ويشعر المسلمون في الهند بأنهم يتعرضون لضغوط مستمرة لإثبات أن ولاءهم للهند لا باكستان.
ويقول أفتاب طيب: إن ذلك يؤلمني، لا أستطيع أن أشرح لك -إن ذلك يخلق لديّ شعورا بأنني غريب هنا. ويشعر بالتوتر مع أصدقاء هندوس يعرفهم منذ الطفولة.
حين تكون هناك مباراة في الكريكيت بين الهند وباكستان يعتقدون أننا نشجع باكستان لا الهند. لماذا؟ إننا هنود مثلهم.
حين يزيد التوتر تتكرر مثل تلك الأسئلة بشكل أكثر، مثل هل تشجع باكستان؟ أو ما هو موقفك إذا وقعت حرب؟
ويقول أخوه شاداب إنه يشعر بنفس الريبة من أصدقائه. ويقول إن بعض أصدقائي يسألونني: هل لديك أقارب في باكستان؟ سوف نعيدهم إلى الهند، ومن ثم نستطيع أن نهاجم أفغانستان.
هذا يشعرني أحيانا أنني لا أنتمي إلى هذه البلد، أصدقائي يشعرونني أنني غريب.
توتر المسلمين
وفي مسجد فاتح بوري، في الجزء الضيق الفوضوي من المدينة القديمة، يأتي آلاف من المسلمين للتعبد والدراسة في المدرسة الدينية.
ويقول د. مفتي مُكَرَّم أحمد، إمام المسجد، إنه يسمع بصفة دائمة تقارير عن تحرش بالمسلمين من قبل الهندوس، لكن هذا الأمر زاد منذ بدء الحرب على الإرهاب، وهم يشكون من أننا نمر بمناطق هندوسية.
ويرددون علينا عبارات مثل: بن لادن سيقضى عليه، بن لادن ينتهي وسوف يتعلم المسلمون دروسا.
وأثارت أحداث الشغب العنيفة ضد المسلمين في جوجارات قبل ثلاثة أشهر مخاوف المسلمين مجددا.
وقد اتهم هندوس المسلمين بأنهم موالون لباكستان وطلبوا منهم الرحيل إلى هناك. ويشكك اليمين الهندوسي المتشدد دائما في تأكيدات المسلمين بأن الهند هي وطنهم.
صناعة الإرهاب ضد المسلمين في الهند
في الوقت الذي تزداد فيه حملات العنف الوحشي الذي يمارسه مجموعات هندوسية متطرفة في مختلف أرجاء الهند، لا تزال الصحف الهندية اليومية تمتلىء بالقصص المصاغة بعناية عن خطر ما تسميه الحكومة في نيودلهي بـالإرهاب الإسلامي.
ناقش الباحث الهندي البارز يوجيندير سيكاند في كتابه الذي حمل نفس الاسم ما اعتبر أنه صناعة الإرهاب في الهند وأكد أن وسائل الإعلام الهندية وبتحريض من قوى سياسية لها أهداف خاصة لا تتوقف عن إثارة الرأي العام الداخلي ضد كل ما هو إسلامي من خلال التخويف من خطر وهمي يتمثل في إرهابيين إسلاميين تلقي السلطات الأمنية القبض عليهم يوميًا بينما هم في الحقيقة أفراد بسطاء عاديون من أبناء الجالية.
وقال الباحث الهندي سيكاند الحاصل على درجة الدكتوراة في التاريخ من لندن والمحاضر بمركز دراسات جاوهرلال نيهرو: إن الحرب الدولية التي قادتها الولايات المتحدة ضد ما أسمته الإرهاب الإسلامي منحت العديد من حكومات العالم الفرصة لتصفية حساباتها مع الأقليات المسلمة التي تعيش في بلادها، وتأتي الهند على رأس الدول التي حرصت على استغلال وصف المسلمين بـالإرهاب لكتم صوت الجالية المسلمة لديها والتضييق عليها وممارسة كل أشكال التمييز ضد أبنائها.
وأكد الباحث على أن الشباب المسلمين في الهند يتم توقيفهم بصورة عشوائية يوميًا ويتعرضون لأبشع ألوان التعذيب والانتهاكات على يد الأجهزة الأمنية، ويوضع العديد منهم رهن الاعتقال بدون ثبوت أية اتهامات تتعلق بأنشطة إرهابية عليهم.
ومن بين الحالات التي تكشف فظاعة الملاحقة الأمنية للشباب المسلمين في الهند حالة الشاب محمد برفيز عبد القيوم الذي اعتقل في ولاية جوجارت وظلت عائلته على مدى ثلاثة أيام لا تعرف شيئًا عن مكانه ثم في اليوم الرابع اتضح أنه موقوف بمعرفة الشرطة بذريعة أنه كان يمتلك مسدسًا وبعض البارود، ثم بعد أن لاقى ألوان الانتهاك وسجن 14 شهرًا بتلفيق تهمة أخرى له اتضح أنه في الأساس لم يكن يحمل أي مسدس ولا بارود وإنما كانت في يده الأدوات التي يستخدمها في عمله.
ويؤكد عبد القيوم أنه تعرض للضرب المبرح والتعذيب من قبل ضباط الأمن الهنود كما أجبر على التوقيع على أوراق فارغة وظل رهن الاعتقال اللاإنساني طوال 21 يومًا قبل أن تلفق له قضية سجن على إثرها.
وتتزايد أعداد المسلمين الهنود الأبرياء الذين تنالهم يد البطش الأمني يومًا بعد يوم لاسيما في ظل تحريضات مستمرة لحكومة نيودلهي على استحداث قوانين جديدة أكثر تشديدًا في مجال مكافحة الإرهاب.
استغلال الهنودس المتطرفين للفرص التضييق المفروضة على المسلمين
ومما يزيد معاناة الجالية المسلمة في الهند إصرار الجماعات الهندوسية المتطرفة على انتهاز كل فرصة ممكنة من أجل استفزاز المسلمين الهنود وممارسة العنف ضدهم، وتؤكد قيادات الجالية المسلمة أن هذه الاستفزازات وإن أسفرت في بعض الأحيان عن ردود فعل انتقامية مثلما حدث بعد مذابح جوجارات الهنودسية ضد المسلمين المقيمين فيها .
– فلابد من الحرص على عدم التعامل مع مثل هذه الأحداث من منطلق المنظور الأمني فحسب وإنما لابد من تلمس أسباب أزمة الجالية وشعورها بالتهميش في المجتمع الهندي. ويرى زعماء الجالية المسلمة في الهند أن التوقيفات العشوائية المتزايدة وتوسيع نطاق التعذيب والاحتجاز وتوقيف أعداد كبيرة من الشاب المسلم البريء في كافة أنحاء البلاد باسم مواجهة الإرهاب لن يكون من نتيجة كل ذلك إلا مزيد من حالة العزلة والضغط التي لا يمكن أن تولد إلا الانفجار.
وتتسبب حالة الاضطهاد المتنامية في أن يتجرأ الغوغاء الهندوس بصورة أكبر على مسلمي الهند، وقد يتعدى هذا الخطر حدود الجالية المسلمة ليطال أفراد جاليات أخرى مثل المسيحيين الذين وقعت ضدهم أحداث دامية في الفترة الأخيرة في مناطق مختلفة من الهند مثل أوريسا وكارانتاكا.
وقد تشكلت في منطقة حيدر آباد محكمة رمزية ضمت ممثلين عن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان مقرها في نيودلهي وكوكبة من الصحافيين البارزين وقضاة متقاعدين ونشطاء استمعوا لشهادات أكثر من40 مسلمًا من أجزاء مختلفة في الهند بعضهم من الضحايا أو من أقارب ضحايا الإرهاب الذي تمارسه الشرطة الهندية ضد الجالية المسلمة بدعوى مكافحة الإرهاب.
ولتوضيح الهدف من عمل هذه المحكمة قال الناشط الحقوقي أبوفاناند ومقر منظمته في نيودلهي إن المحكمة تريد التركيز على دور وسائل الإعلام في تضخيم خطر ما يسمى الإرهاب الإسلامي وإثارة فزع الرأي العام منه، مع التعتيم على الإرهاب الحقيقي والعنف الذي تمارسه المنظمات الهندوسية اليمينية والتي قتلت آلاف المسلمين على مر السنوات بدون أن تواجه بأي ضغط إعلامي أو سياسي حقيقي لتعاقب على جرائمها بحق الجالية المسلمة.
ولم يعد التضييق الأمني ضد الجالية المسلمة قاصرًا على طبقة العمال فقط بل أصبح تحرش سلطات الأمن الهندية بكافة طبقات الجالية المسلمة من أطباء وعلماء ومهندسين حيث يجري اعتقالهم بصورة عشوائية وتعذيبهم في السجون ووسمهم بـالإرهاب.
وحذر الناشط الحقوقي من أن الإعلام الجماهيري في الهند يعمل كالببغاء ويردد ما تريد الشرطة أن تنقله ويلعب دورًا في تعميق الكراهية والحقد على الجالية المسلمة.
وأثار كولن جونسالفز المحامي في المحكمة العليا الهندية والناشط في الشبكة القانونية لحقوق الإنسان بنيودلهي نقطة أخرى وهي تزايد مشاعر الخوف والقلق داخل أوساط الجالية المسلمة تجاه كل احتكاك مع الشرطة، وضرب أمثلة على ذلك من بينها ما تعرض له شهود مسلمون في قضية مذبحة جوجارات عندما تم تخويفهم من قبل الشرطة لتغيير شهاداتهم أمام المحكمة. وقال إن المسلمين الهنود باتوا يدركون أن وقوعهم في قبضة الجهاز الأمني تعني تعرضهم لضياع حقوقهم القانونية وتعرضهم للتعذيب الوحشي وإلصاق اتهامات الإرهاب بهم بدون سند أو دليل.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.
ثلاثة أيام دموية وصعبة للهند والعرب
ثلاثة أيام صعبة عاشها الشعب الهندي وكل عربي وكل مسلم وكثيرون غيرهم ممن تابعوا العمل الإرهابي البشع في مومبي. وكعرب ومسلمين فالحق أقول أن هاماتنا خلال تلك الأيام الثلاثة لم تكن مرفوعة وأن رؤوسنا كانت مطأطئة وعقولنا كانت قلقة ومرتبكة وحائرة بسبب الإرهاب الذي ضرب مدينة مومبي رئة الهند وعاصمتها التجارية وبوابتها إلى العالم،
وإلى جيرانها العرب الأقرب جغرافيا وعاطفيا إلى هذه المدينة التي كانت ولا تزال صلة وصل تجاري وثقافي بين الوطن العربي وحضارة الهند العظيمة، وكانت مقرا حكمت منه بريطانيا بعض دولنا قبل استقلالها. الإرهابيون كأمثالهم تصرفوا كممثلين لقضايا هندية محلية وعربية وهم في الحقيقة غير ذلك، وكرروا فضيحة نيويورك ولندن ومدريد وفضائح مدوية أخرى طالت عواصم ومدنا عربية وإسلامية كثيرة وكأنه لم يكن ينقصنا سوىعمل قبيح وإجرامي كهذا في دولة جارة وصديقة لنا ولقضايانا.
الهند ليست خالية من العنف ولا من الصراعات الطائفية ولن تكون كذلك حتى في الأمد المتوسط مالم تتبع من السياسات الداخلية ما يمنع الإرهابيين في الداخل والخارج من استثمار نقاط ضعفها ويأتي في طليعة ذلك أن تكون دولة ديمقراطية حقا وأن تركز على البعد الاجتماعي للديمقراطية وأن تكون دولة لكل مواطنيها..
ولكل طوائفها وتبتعد عن الرضا بقشور الديمقراطية الذي ترى أقليات وعناصر علمانية من كل الديانات أن الاكتفاء بها هو من أسباب التوتر والاضطرابات المستمرة في الأحوال العامة وينهش النسيج الاجتماعي والسياسي للاتحاد الهندي.
وما حدث في يوم الثلاثاء الأسود السابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) فرصة للمراجعة ووضع الأصابع على مواطن الخلل في النظام السياسي الهندي وفي فعالية آلياته، ولوضع حد لنمو القوى الطائفية وأجنحتها العنفية المتطرفة التي تبث الكراهية نحو الآخر وستستثمر الأحداث الإرهابية الأخيرة لصالح أجندتها الطائفية والتضييق على الأقليات الإسلامية والمسيحية بوجه خاص.
ولاشك أن حلا لمشكلة كشمير يحفظ للهند وحدتها الترابية ويلبي طموح الأغلبية المسلمة في حكم ذاتي موسع واستقلال إداري لا يستثنى منه سوى السياسة الخارجية والدفاع والأمن والسياسة المالية سيخفف كثيرا من الاحتقانات الطائفية ويرضي المناضلين الكشميريين ويسحب البساط من تحت أقدام المتاجرين بالقضية في الهند وخارجها.
وطالما أن هناك قناعة عامة لدى طرفي الصراع باستحالة الحل العسكري فإن الحل الوسط هو المدخل لحل قضية كشمير. وأذكر بهذا المقام بأن كثيرا من الهنود طالبوا بحل وسط للقضية بعد اتفاق اوسلو عام 1993 والفرصة لاتزال مواتية.
وهذا الحل يخرج الهند من حرج دائم حول موقفها غير الديمقراطي من كشمير التي يلجئوها دوما إلى تزوير الانتخابات وتحويل كشمير وعاصمتها سرينيجار إلى ثكنة عسكرية في فترة الانتخابات يصبح فيها صوت الرصاص هو الطاغي وليس الفرحة بالممارسة الديمقراطية.
والعنف لن يختفي من الهند طالما ظلت المساواة شكلية وسطحية أو لنقل في حدودها الدنيا والإجحاف المزمن متواصل بحق المسلمين وغيرهم، بل قد يزداد العنف سوء في ظل حكم اليمين الفاشي الذي يخفي فرحته بما حدث في مومبي ليقفز إلى السلطة في الانتخابات القادمة.
وأي إصلاح هندي لن يأتي من فراغ لأن الدستور الهندي دستور متكامل ويضمن حقوق الكل على قدم المساواة ولكن محتوياته والقيم الديمقراطية التي تفاخر بها الهند كأكبر ديمقراطية في العالم يتطلبان ترجمة حقيقية لمضامينهما وإشباعا لحاجات محرومين كثر من الخدمات والتعليمية منها على وجه الخصوص من قبل كل من المركز والولايات وتوفير فرص العمل بدون طائفية في القطاع الخاص..
بالذات حيث يسود انتقاء طائفي متبادل يمارس منقبل الطائفتين الأولى والثانية ضد بعضهما البعض، ولكن أضرارهذا الإنتقاء الأفدح تقع على الأخيرة بحكم أنها هي الأقلية والأضعف في كل مجال. وقد نتج عن النسبة المتدنية للمسلمين في التعليم العام والجامعي أن وجودهم هامشي في مؤسسات الدولة ومنها المؤسستان العسكرية والأمنية وفي الخدمة المدنية. ولكي تتعافى الهند من أمراضها وتدفن أحقادها الدفينة والظاهرة فإنها بحاجة إلى منظمات مجتمع مدني غيرطائفية تراقب الأداء الحكومي والخاص لمنع الإجحاف بحق الأقليات وبحق طائفة الداليت (المنبوذين من الطائفة الهندوسية).
وقد أكون دقيقا إذا قلت بأن ماعانت وتعاني منه الهند في الست عشرة سنة الماضية يعود جزء كبير منه إلى هدم مسجد البابري التاريخي في 6 كانون الأول (ديسمبر) من عام 1992 من قبل حزب الشعب الهندوسي (بي جي بي) وأجنحته العسكرية وميليشياته المروعة.
قبل ذلك التاريخ منع المسلمون في وزارة راجيف غاندي الأولى التي تسلمها بعد إغتيال والدته في تشرين الأول (اكتوبر) من عام1984 من الصلاة في المسجد وأغلق المسجد بقرار سياسي ليس عن قناعة حكومية وإنما لتجنب غضب اليمين الهندوسي الفاشي بعد أن وضع بعض أتباعه آلهة اعتبر إخراجها من المسجد مسا بمقدس هندوسي، وبعد ذلك شهدت الهند أول رد فعل لهدم المسجد تجسد في الأحداث الدموية في مومبي في آذار (مارس) من عام 1993م.
وأنا أقدر أن البعض قد يرى أمام هول مأساة مومبي الجديدة أن ليس هذا هو الوقت المناسب للحديث عن قضايا أخرى وأن الأولوية تقتضي محاربة الإرهاب وإدانته، ومع كل التقدير لهذا الرأي فإن ما أقوله هو جزء من الحل وليس الحل كله لأن ماعانت منه مومبي كان إرهابا عابرا للحدود وقد يكون جزء لا يتجزأ من الإرهاب الذي ضرب فندق ماريوت في إسلام أباد قبل أسابيع قليلة.
في أحداث مومبي أضرمت النيران في بعض أبرز معالم المدينة تاريخيا كمحطة القطارات وفندق تاج محل الذي تصاعدت منه نيران وأدخنة أحرقت وشوت غربانا وطيورا في الهواء وسالت بالقرب منهما دماء غزيرة، دماء نساء وأطفال أبرياء، ولن تنسى أمهات هؤلاء الأطفال ماحيين أنهم كانوا ضحية عمل إرهابي قام به أتباع ديانة أخرى من دولة مجاورة.
ولقد قتل قرابة مائتي شخص من الهنود على اختلاف دياناتهم ومن الأمريكيين والأستراليين والإسرائيليين والسنغافوريين والكنديين والبريطانيين والألمان واليابانيين والصينيين والتايلانديين والإيطالييين وجرح قرابة ثلثمائة بريء من المدنيين ورجال الأمن.
ولنتصور مقدار الغضب الذي سيصب نحو هؤلاء الإرهابيين الذي قضى تسعة أعشارهم في معركة خاسرة وهم لايفقهون مقدارما سيختزن من غضب ضدهم، وحتى الشعوب التي لم تفقد نفسا في هذه المذبحة لاتصدق بأن النفس البشرية رخيصة إلى هذا الحد لدى عناصر إرهابية ضالة ومضللة تحترف الإرهاب للإرهاب ذاته. مومبي مثل نيويورك ستحيي سنويا ذكرى هذا الإرهاب وسنويا سيتجدد السؤال: لماذا لا يقوم بهذه الأعمال سوى المسلمين؟ وسيستغل ماحدث لتشويه الإسلام والتضييق على المسلمين كما حدث مرارا في الماضي.
وكجزء من الحل للإرهاب الذي تقوم به عناصر شابة طائشة لاتعي ما تفعل فإن من واجب أساتذة هؤلاء ورموزهم الذين ربما استفاقوا واستيقظوا على جرائم ربما لم تكن في حسبانهم وعادوا إلى رشدهم سواء منهم من غادروا جبال افغانستان ووهادها أو لا يزالون في كهوفهم أو اولئك الذين يعيشون في قصورمحصنة أن يهبوا فرادى وجماعات لاستنكار الإرهاب بصوت عال وأن يدينوا ما حدث في مومبي ويحضوا تلاميذهم على الكف عن ارتكاب مثل هذه الجرائم مستقبلا.
وهذا أقل ما يطلب منهم للتكفير عن سيئات أعمالهم التي أصابت ولا تزال الأمة الإسلامية كلها بالخسران والتخلف وشوهت صورتها وثقافتها ومعتقدها وجعلت من ينتمي إليها محل شبهة بالإرهاب أينما ذهب. وبالإضافة إلى ذلك فإن هؤلاء الأساتذة وأقصد أساتذة الإرهاب مدينون بالاعتذار لكل ضحية من ضحاياهم عن الدماء التي سالت في نيويورك ولندن ومدريد ومومبي والرياض وصنعاء والدار البيضاء والجزائر لأنهم كانوا ولايزالون مصدر التغذية الفكرية والعقائدية التي سمموا بها أفكارالقتلة وخاصة أن دراساتهم وفتاويهم لا تزال مرجعيات معمولا بها ولم ينقضوها.
وما لم يفعلوا ذلك فإنهم يستحقون منا إدانة لا تقل عن إدانة توني بلير وجورج بوش اللذين توجه إليهما في بلدانهما تهمة جرائم حرب ومطلوب محاكمتهما كمجرمي حرب وليس ببعيد أن يطلب البعض محاكمة هؤلاء الأساتذة والمرشدين على جرائم الإرهاب التي اقترفت وكانت تعاليمهم هي المحرض عليها.
الهند تعاني من أزمة وطنية مزمنة منذ الاستقلال ناتجة عن تقسيم شبه القارة الهندية إلى دولتي الهند وباكستان استجابة لمطلب أقلية نخبوية من مسلمي هند ماقبل الاستقلال. ومنذ ذلك الحين اتسع الشرخ بين مسلمي البلاد وهندوسييها بعد أن ضربوا مثالا قويا في الوحدة الوطنية والنضال المشترك ضد شركة الهند الشرقية والاستعمار البريطاني في انتفاضة عام 1857م.
ولا شك في أن ما تعانيه الهند اليوم ليس ناتج التقسيم وحده وإنما سياسات تراكمت منذ الاستقلال عام 1947م الذي رأى فيه البعض استقلالا عن جزء من الشعب الهندي تحول إلى أقلية صغرت أكثر وانكمشت على نفسها بعد إنشاء باكستان ولا مانع لديه من ممارسة تمييز مستور ضده وإضعاف لايبدو متعمدا أو سياسة رسمية وإهمال لايظهر للعيان أنه مقصود.
الإحصاءات المتوفرة تصفع الديمقراطية الهندية، فالأرقام تقول بأن المنتسبين من المسلمين إلى الجيش والشرطة يقلون عن الواحد في المائة وأن نسبة السيخ وهم أقل منهم عدد ا بكثير أعلى منهم وفي التعليم الجامعي على سبيل المثال فإن نسبة المسلمين في كلية الهندسة بنيودلهي 1 من طلابها وهكذا دواليك.
وكنتيجة أصبح المسلم الهندي مشغولا بمواجهة مشكلة البقاء والتمسك بهويته الدينية وتحمل كل الصعاب، أما نوعية الحياة والمستقبل فهما غير ذي أهمية لديه.وبلغ الأمر أن القادرين منهم لاتواتيهم الشجاعة للإفصاح عن معاناتهم أو مساعدة إخوانهم المسلمين خشية أن يتهموا بالطائفية ولكن من قبل الأكثرية التي تراقب بعيون مفتوحة والتي تحلل لنفسها ماتحرمه على غيرها.
لذلك فإن الهند تحتاج تغييرا ثقافيا عميقا يغير النظرة إلى الأخر المختلف دينيا والآخر الثاني - الداليت- الذي ينتمي إلى نفس الديانة ولكنه من طائفة أدنى اجتماعيا أو في أسفل السلم الاجتماعي ويعدل قيما وسلوكا يتنافيان تنافيا صارخا مع مبادئ حقوق الإنسان وتصيب الديمقراطية في مقتل وقد تلحق الضرر بالاتحاد الهندي، الكيان الذي يوحد طوائف وأعراق وديانات ولغات شتى تتعايش وتتعاون وتتصارع في نموذج لا نظير له في أي دولة أخرى.
وهذا لايعني عدم وجود قوى هندية غير طائفية لا تقف ضد الممارسات غير السوية للمتطرفين ومنها عناصر لاتمانع حتى في منح كشمير الاستقلال ومنطقها هوأنه ما دام أن الهند تؤيد حرية واستقلال الشعوب الأخرى فلماذا لاتطبق هذا المبدأ على نفسها في كشمير.
وقد لعبت هذه القوى دورا محمودا بعد هدم مسجد البابري في التخفيف من الام المسلمين وتضميد جراحهم لكي تبعد عن الشعب الهندي شبهة الطائفية ووصل الأمر ببعضها إلى القول بأن الهندوسية التي هدم باسمها المسجد ليست ديانة وأنها منظومة قيم ومدونة سلوك وأن أجندة سياسية توظف الدين هي التي كانت وراء ذلك العمل القبيح في يوم الاثنين الأسود كما وصفته صحيفة تايمز أوف انديا في صفحتها الأولى وفي مقال التحرير في اليوم التالي لهدم المسجد.
وكحقيقة لاجدال فيها فإنه عندما تغيب العدالة يتراكم الاستياء حتى يبلغ مرحلة الانفجار. هذا ليس تبريرا لإرهاب مومبي ولكنه بعض التفسير له برغم تواتر أخبار تقول أن الإرهابيين كلهم أتوا من خارج الهند.
ولاجدال بأن هؤلاء شحنوا العالم بالغضب والاستنكار للجرم الذي اقترفوه بحق الإبرياء ونحن لا نقل غضبا عن هؤلاء لأن الهند دولة صديقة وجارة مهمة لنا ولأمننا ولمصالحنا إضافة إلى أنها من الناحية التاريخية والسياسية من كبارالمؤيدين للقضايا العربيةوعلى رأسها قضية فلسطين وشعبها لا يقل تعاطفا وحماسا عن حكومته في دعمه للحق العربي في فلسطين والتخلص من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.
ماحدث لايرفع من شأن الإسلام ولايخدم مسلمي الهند ولا قضية فلسطين رغم استهداف إسرائيليين لأن الإرهاب الأعمى ليس الطريق الصحيح للوصول بالقضايا العادلة إلى شاطئ الأمان.
المصدر: صحيفة القدس العربي.
50 عالمًا مسلمًا يتظاهرون في مومباي ضد شعارات مسيئة للإسلام
أعلنت مجموعة من علماء المسلمين في الهند عن تنظيم مسيرة سلمية في الخامس من ديسمبر الجاري للتنديد ببعض الشعارات المناهضة للإسلام تقوم بعض الأحزاب السياسية في مومباي بترويجها.
كما قامت مجموعة من رجال الدين المسلمين الهنود بالتظاهر ضد بعض الشعارات والعبارات التي تهاجم الإسلام تحت دعوى محاربة الإرهاب، وهي الشعارات التي تنشرها الكثير من الأحزاب السياسية في مومباي.
وتظاهر يوم الثلاثاء الماضي نحو 50 رجل دين في مكتب جمعية القدرية أشرفية وهي منظمة تضم المسلمين السنة في حي ماولانا وسط مومباي، وقاموا بالاحتجاج على شعارات ألصقت تهمة ما يسمى الإرهاب و الهجمات الأخيرة على مومباي بالإسلام والمسلمين.
يقول سيد موين أشرف مدير الجمعية: إن الإسلام لا يستطيع فعل شئ في وجه الإرهاب والقيام بنشر الشعارات تتهم الإسلام بالإرهاب من شأنه أن يتسبب في وقوع صدامات طائفية.
وحرص العلماء المسلمين على توضيح أن الإرهابيين ليسوا بالضرورة مسلمين، ويقول رئيس الجمعية: لا يمكن أن يتورط المسلم في مثل تلك الأعمال الدنيئة التي تقتل الأبرياء، ونحن لا نقبل بأن يكون منفذي هجمات مومباي من المسلمين.
وكانت مجموعة من المسلمين ذهبوا إلى بادا قبرستان للمطالبة بعدم حرق جثث الإرهابيين التسعة في المدينة، وهو ما دفع الحكومة إلى القيام بحرقهم خارج المدينة.
وأكدت مجموعة العلماء المسلمين على تعاونهم الكامل مع الحكومة في التصدي للإرهاب، مولانا منصور علي خان سكرتير جمعية العلماء الهنود السنة قال: نحن دائماً ما نساند الحكومة الهندية في الحرب على الإرهاب، ونحن فقط نعارض محاولات الهجوم على الإسلام.
كما أكد مولانا على ضرورة قيام بعض الأحزاب السياسية بوقف تلك الحملة التي تشنها ضد الإسلام كجزء من أجندتها لحصد أصوات الناخبين قبل الانتخابات ويضيف خان قائلاً: تقوم بعض الأحزاب بإلقاء اللائمة على الإسلام بدعوى إدانتها الإرهاب، وهو ما يهدد التماسك والبناء الاجتماعي في الهند.
المصدر: الإسلام اليوم.
فرحة العيد تفارق مسلمي الهند
دعت القيادات الإسلامية في الهند إلى الاحتفال بعيد الأضحى المبارك بهدوء؛ نظرا لحالة الحزن التي تخيم على البلاد هذا العيد لفقدان نحو 172 شخصا لقوا حتفهم في هجمات مومباي الأسبوع الماضي.
وفي بيان نقلته صحيفة تايمز أوف إنديا الهندية يوم الخميس، حثت منظمة أئمة مساجد عموم الهند المسلمين في البلاد (140 مليون مسلم) للاحتفال بعيد الأضحى بطريقة واعية تتسم بالهدوء والبعد عن مظاهر الفرح والبهجة الكبيرة، وطالبوهم بوضع شرائط سوداء على ملابسهم لإظهار التضامن مع الضحايا.وقالت المنظمة التي تضم 530 ألفا من السنة والشيعة في البيان: نشعر بأسى عميق لهذه الخسائر في الأرواح البشرية، هذا هجوم على جميع الهنود لذا ينبغي علينا أن نكون في مقدمة من يحيون هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل بلادنا.وكان عشرة مسلحين قد نفذوا هجمات إرهابية استهدفت فنادق فاخرة ومستشفى ومحطة للسكك الحديدية ومطارا ومركزا يهوديا ودار سينما في مدينة مومباي عاصمة الاقتصاد الهندي التي يقدر عدد المسلمين بها بحوالي مليوني مسلم من أصل 19 مليون نسمة.
وأسفرت الهجمات عن مقتل نحو 172 شخصا، بينهم 26 من الأجانب، وإصابة 296، واستغرقت قوات الكوماندوز الهندية نحو 60 ساعة لاستعادة السيطرة على الوضع وإطلاق سراح عشرات الرهائن الذين احتجزهم منفذو الهجمات.
وستقوم منظمة أئمة مساجد عموم الهند بتنظيم مؤتمر دولي خلال أيام العيد لدحض الآراء التي تربط الإسلام بالإرهاب، بحسب الصحيفة.
وقال الأمين العام للمنظمة عمر أحمد إيلياسي: أولويتنا هي دعوة الأئمة ورؤساء دول مثل باكستان وأفغانستان وفلسطين، التي تعتبر ضحايا للإرهاب بطريقة أو بأخرى لحضور هذا المؤتمر.
وانطلقت الدعوة لعقد هذا المؤتمر بعد اجتماع حضره آلاف العلماء والمديرين والمعلمين في مختلف المدارس الدينية في كافة أنحاء الهند أقيم في معهد التعليم اللاهوتي دار الأم الشهير بالهند لإدانة الإرهاب وربط الإسلام بالعنف.ومن المتوقع أن يحضر المؤتمر أكثر من 500 عالم مسلم في جميع أنحاء العالم.وأشار إيلياسي إلى أن المؤتمر سيطلب من جميع الجماعات المسلحة تجريد أسمائها من الكلمات التي تحمل دلالات إسلامية وقال: كيف يمكن لمنظمة إرهابية مثل جيش محمد، التي تؤمن بسفك الدماء، أن تستخدم اسم النبي محمد الذي كان أعظم رسل السلام.
المصدر: إسلام أون لاين.
التعليقات
إرسال تعليقك