ملخص المقال
الشهيد أمجد الفايد حيث ينحدر شهيدنا القسامي من قرية زرعين الواقعة شمال مدينة جنين، والواقعة داخل أراضينا المحتلة عام 1948م
مولد ونشأة أمجد الفايد
ينحدر شهيدنا القسامي من قرية زرعين الواقعة شمال مدينة جنين، والواقعة داخل أراضينا المحتلة عام 1948م قبل أن يهجَّر ذووه قسرًا إلى مخيم جنين للاجئين، ليرى النور هناك قبل 31 عامًا في العام 1971م، ويشهد عيشة اللاجئ المبعد عن أرضه، والتي لا تبعد منه قاب قوسين أو أدنى من مرمى النظر، وهو لا يستطيع الوصول إليها؛ ليذوق مرارة الحرمان وضيق ذات اليد.
في حين أن أحفاد القردة والخنازير القادمين من أقاصي الدنيا وأدغال إفريقيا من الفلاشا وغيرهم، يتنعمون فيها بخيرات آبائه وأجداده، ليضطر للخروج من مدرسته رغم كونه من المتفوقين جدًّا في دراسته لدرجة أنه كان من الأوائل على مستوى المدرسة، إلا أن ضيق ذات اليد وعبء والده المثقل بتربية إخوانه الأربعة عشر، دعاه إلى ترك المدرسة لمعونتهم ومعونة والده، الذي رحب على مضض بهذه الفكرة؛ ليرهن شهيدنا القسامي البطل حياته لخدمة أهله وذويه ودعوته، ويلقى الله عزبًا بعيدًا عن نعيم الدنيا لينعم في آخرته، فقد بقي شهيدنا القسامي رهن خدمة ذويه، وكان كل ما يملك من نقود تحت تصرف كل إخوانه، مهما كانت حاجته للنقود.
ورغم خروج أمجد الفايد من المدرسة مبكرًا إلا أن براعته في صنع الميكانيكيات كانت لافتة للنظر لكل من عرفه، حيث قام بصناعة مضخة صغيرة للإسمنت المخلوط، كما قام بصناعة رافعة كهربائية للمواد الثقيلة إلى الطوابق العليا من مواد محلية الصنع بخراطة يدوية، ولم تكن هذه نهاية المطاف فقد حصل على براءة اختراع بمشاركة مهندس ميكانيكي من جامعة بيرزيت الفلسطينية لاختراعهم (محوِّل سرعات) للسيارات، يستطيع إطلاق السيارة من السرعة صفر إلى سرعة 100ك في الساعة، وهو ما زاد من شهرة هذا الشاب على مستوى المدينة، وقامت شركة سيارات (مرسيدس) الألمانية بشراء براءة الاختراع وحقوق التصنيع التجاري منه.
جهاد أمجد الفايد
في الانتفاضة الأولى اشترك في غمارها واعتقل في سجون الاحتلال الصهيوني لمدة ستة أشهر قضاها في سجن نابلس المركزي لمشاركته في فعالياتها، كما نال منه الرصاص الصهيوني، بعد أن أصيب بإحداهن في رجله برصاص حتى أقعدته عدة أشهر قبل أن يعود إلى جهاده من جديد.
وفي الانتفاضة الفلسطينية -الثانية انتفاضة الأقصى- سخّر مجاهدنا عقله ووقته وروحه وماله لخدمة دعوته وشعبه، عبر انضمامه إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ليكون من أبرز مهندسي التصنيع للعبوات الناسفة والقنابل اليدوية، التي كان لها دور كبير في الإيقاع بأكبر عدد من الصهاينة القتلى والجرحى، بعد زرع شوارع وأزقة المخيم بهذه العبوات، لتحول دون دخول الدبابات والمشاة من جيش الدفاع الإسرائيلي إلى داخله؛ فقد قام الشهيد القسامي بالتعاون مع كوادر كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى تحويل منزله الذي كان أعده في وقت سابق ليكون عشه الزوجي إلى مصنع يَؤُمه المجاهدون ليأخذوا حاجتهم من العبوات التي صنعها مجاهدنا بمساعدة شقيقه الأصغر، ورفيقه في الجهاد والشهادة لاحقًا محمد الفايد.
ورغم أن الشهيد لم يحصل على شهادته الهندسية إلا من معامل كتائب الشهيد عز الدين القسام، إلا أن المحققين الصهاينة الذين استدعوا أشقاءه للتحقيق معهم مرارًا وتكرارًا لجمع المعلومات عن الشهيد، لم تكن تقنعهم المعلومات عن أن المجاهد أمجد الفايد لم يكمل دراسته، بل إن جولات التحقيق والتعذيب المصاحبة له كانت فقط تتركز لمعرفة أين وماذا درس القسامي أمجد الفايد.
وبعد أن أخذت عبوات الشهيد بإذن الله أمجد الفايد من القوات الغازية الصهيونية ما أخذت من الخسائر في صفوفهم، ورغم السرِّية التي انتهجها في عمله إلا أن العيون التي كانت تتبع الشهيد أمجد ورفاقه دلَّت إلى مكان أحد معامل تصنيع كتائب الشهيد عز الدين القسام، لتقوم على إثرها القوات الصهيونية بتفجير المنزل المكون من ثلاث طبقات في وقت كان جميع الشبان في أزقة المخيم وشوارعه يقاومون القوات الصهيونية، ليتحوَّل المنزل لأثرٍ بعد عين، إلا أنها لم تفتّ من عزم هذا الشهيد القسامي وكل المجاهدين، الذين لقنوا الجيش الإسرائيلي درسًا قاسيًا، سيذكره الجيش الصهيوني بكل فئاته، جرَّاء الخسائر الفادحة التي تكبدها في الأرواح والمعدات.
استشهاد أمجد الفايد
نتيجةً لفشل الجيش الصهيوني باقتحام المخيم رغم الدبابات والطائرات وأرتال الجنود، إلا أنهم في آخر المطاف قاموا باقتراف مجزرتهم الوحشية بهدم المنازل على رءوس ساكنيها ورءوس المجاهدين الذين احتموا بها من زخات رصاص الطائرات المنهمر على رءوسهم، ليطوي شهيدنا القسامي المهندس آخر يوم له تحت أنقاض أحد المنازل، ليجد ذووه جثمانه يوم السبت الموافق 20 /4/2002م، مرتقيًا إلى العُلا شهيدًا قساميًّا مهندسًا ليلحق من سبقوه، وينير لكل من سيلحقوه من الشهداء الطريق، ليؤكد على أن المقاومة هي الخيار الوحيد والحل الأوحد لعودة كل شبر من أرض فلسطين. فإلى اللقاء يا أمجد.. مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا[1].
[1] المركز الفلسطيني للإعلام، انظر هنا
التعليقات
إرسال تعليقك