التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
قامت سياسة المنصور ابن أبي عامر على مبدأ الاستبداد بحكم الأندلس، فقضى -من أجل ذلك- على قوى المعارضة من الصقالبة والعرب..
قامت سياسة المنصور ابن أبي عامر على مبدأ الاستبداد بحكم الأندلس، فقضى -من أجل ذلك- على قوى المعارضة من الصقالبة والعرب..
بالإضافة إلى من كان يخشى بأسه من الأسرة الأموية، وأوصى ابنه حين حضرته الوفاة، بألَّا يتوانى عن هذه الفئة، وأن يأخذها بالشدَّة والعنف، الأمر الذي أدَّى إلى سقوط هيبة الخلافة وبني أميَّة في نفوس الناس وإلى ضياع مجدهم.
وقد أثَّرت هذه السياسة سلبًا على قدرات الخلفاء الذين جاءوا بعد سقوط الأسرة العامريَّة؛ إذ لم يُحسنوا السياسة، ونسوا أساليب آبائهم في الحكم واصطناع الأنصار..
فقد تعصَّب سليمان المستعين للبربر، واستعان هشام المؤيد بالصقالبة، والتمس كلاهما مساعدة النصارى في الشمال، وبذلك تكرَّس انقسام الدولة إلى حزبين متصارعين.
وقد كانت هناك محاولة من العامريِّين لاغتصاب منصب الخلافة؛ حيث راودت المنصور هذه الفكرة، لكنَّ مستشاريه نصحوه بالعدول عنها لأنَّها سوف تُثير الأمويِّين والشعب ضدَّه، لكنَّ ابنه عبد الرحمن شنجول أقدم على تلك الخطوة وأخذ البيعة لنفسه بولاية عهد هشام المؤيد..
وكانت خطأً فادحًا وقاتلًا؛ إذ تخلَّى عنه الجميع عندما ثار محمد المهدي الأموي ضدَّه، وذلك لأنَّ هذا الأمر كان يعني تحويل الخلافة من المضريَّة إلى اليمنيَّة، وأنَّ المجتمع القبلي القديم لم يختفِ تمامًا على الرغم من قيام الناصر والمنصور بتوجيه ضرباتٍ قاسية للعنصر العربي.
بالنسبة إلى موقف العلماء والفقهاء فقد كان متذبذبًا؛ فهم الذين أيدوا النظام العامري، وأفتوا بجواز ولاية شنجول العهد، وحضروا البيعة وباركوها، وعندما انهارت الأسرة العامريَّة، انتهزوا الفرصة وأعلنوا تأييدهم للنظام الجديد، وبذلك أضحت الانتهازيَّة والنفعيَّة طابع كثيرٍ منهم.
وقد أسهم ملوك النصارى من جهتهم في تغذية الصراعات الداخلية، وبدا ذلك واضحًا منذ عهد عبد الرحمن الناصر، فعندما غضب على أقربائه من بني إسحاق بن أميَّة وقتل زعيمهم أحمد بن إسحاق، بسبب تآمره عليه واتصاله بالفاطميِّين، وتحريضه لبني تجيب على الثورة ضدَّه، فرَّ أخوه أميَّة إلى شنترين في غربي الأندلس ورفع راية الثورة..
فانتهز راميرو الثاني ملك ليون الفرصة وعرض مساعدته على أميَّة، ثم استقدمه إلى بلاطه وعيَّنه وزيرًا، وأشركه في حرب الناصر، وزوَّده أميَّة بمعلومات مهمَّة عن قوَّة الناصر العسكريَّة، وأوضاعه الداخليَّة، الأمر الذي سهَّل عليه النصر في معركة الخندق.
وفي غمرة الصراع على العرش بين أمراء بني أميَّة الأواخر، ساعد هؤلاء الملوك فريقًا ضدَّ الآخر، الأمر الذي أضعف الجبهة الداخليَّة وجعل مسلمي الأندلس يضربون بعضهم بعضًا، وأدَّى ذلك إلى تعميق الأحقاد والانفصال بينهم، وأضحوا لقمةً سهلةً يستطيع ملوك النصارى التهامها في أيِّ وقتٍ يُريدون.
- المصدر: تاريخ المسلمين في الأندلس (بتصرف)، للدكتور محمد سهيل طقوش؛ مطبعة دار النفائس، بيروت 2008.
التعليقات
إرسال تعليقك